فابيو.. حارس يقاوم الزمن ويُسقط الأساطير

في ليلةٍ ساحرةٍ تحت أضواء ملعب ماراكانا الأسطوري، حيث تصدح المدرجات بقصص العظماء، نقَش الحارس البرازيلي فابيو ديفسون لوبيز اسمه في سجلّات كرة القدم بحروفٍ من ذهبٍ .
الثلاثاء، وقف فابيو، ابن مدينة نوبريس المتواضعة، ليصبح اللاعب الأكثر مشاركةً في تاريخ الساحرة المستديرة، بـ1391 مباراة، متخطيًا أسطورة إنجلترا بيتر شيلتون، الذي حمل الرقم القياسي لثمانية وعشرين عامًا بـ1390 مباراة.
بجانب فابيو، وقفت ابنته فالنتينا، كأنها تجسيدٌ لعزيمته ومثابرته، تشاركه لحظة التكريم وهتافات الجماهير يصم الآذان، حتى الأسطورة شيلتون نفسه، رفع قبعته احترامًا، قائلًا: «تهانيّ لفابيو على تحطيم رقمي القياسي.. والأجمل أن هذا الإنجاز يبقى بين حراس المرمى، حيث تنبض الشجاعة».
بدأت حكاية فابيو في أزقة نوبريس، حيث ولد في 30 سبتمبر 1980. كان فتىً يافعًا يركل الكرة في بطولات الهواة، يصقل موهبته تحت شمس البرازيل الحارقة. في السابعة عشرة، خطا خطوته الأولى مع نادي أونياو بانديرانتي عام 1997، ثم انتقل إلى فاسكو دي جاما في عام 2000، حيث بدأ ينسج خيوط أسطورته، متوجًا بلقب الدوري البرازيلي وكأس ميركوسور.
لكن نقطة تحوله الكبرى في 2005، حين انضم فابيو إلى كروزيرو في صفقة تبادلية، ليبدأ ملحمةً استمرت ستة عشر عامًا.
تحت القائمين، كان حصنًا لا يُهزم، حافظ على نظافة شباكه في 336 مباراة، وجمع 12 لقبًا، منها ثلاثة ألقاب للدوري البرازيلي ووصافة كوبا ليبرتادوريس 2009. وفي 2022، ارتدى قميص فلومينينسي، ليكمل مسيرته بـ235 مباراة، حيث أغلق شباكه في 93 منها، وقاد فريقه إلى عرش كوبا ليبرتادوريس 2023، مؤهلًا إياه إلى كأس العالم للأندية 2025.
على مدار مسيرته، خاض فابيو 1391 مباراة، كأن كل واحدةٍ منها فصلٌ في روايةٍ ملحمية: 30 مع بانديرانتي، 150 مع فاسكو، 976 مع كروزيرو، و235 مع فلومينينسي. لم يكن مجرد حارس مرمى، بل رمزًا للثبات والإصرار، حتى وإن لم تُفتح له أبواب المنتخب البرازيلي. في عمر الرابعة والأربعين، ظل فابيو أسطورةً حية، يقول بفخر: «تحقيق هذا الرقم بقميص فلومينينسي شعورٌ لا يُوصف».
وفي تلك الليلة الفريدة، بعد فوز فلومينينسي على أمريكا في كوبا سودأمريكانا، احتفى ماراكانا ببطله.
بعيدًا عن الأضواء، يعيش فابيو حياةً هادئة في ريو مع عائلته، يعزف أنغام الموسيقى البرازيلية التقليدية ويغوص بين صفحات الكتب. يصفه أصدقاؤه بالمتواضع، المنضبط، الذي آمن أن العمل الجاد هو مفتاح المجد. وهكذا ظل فابيو، الحارس الذي قاوم الزمن، يكتب تاريخًا لن يُمحى.