عندي نظرية لم يتبناها أحد، قلتها للأصدقاء والزملاء، رأوا أنها ضعيفة، ولا تستحق الاهتمام. لم يحبطني تجاهلهم، قناعتي أن عدم اهتمامهم لأن النظرية جاءت من صديقهم، شخص منهم وفيهم، ولو أنها جاءت من كتاب مترجم، لطاروا فيها، ورددوها مستعرضين ثقافتهم الأجنبية! النظرية اسمها 3 بالمئة، وأقصد أن المؤثرين إيجابًا في الحياة نسبتهم 3 بالمئة، العقلاء، والحكماء، والعلماء، والمفكرين، وكل من ساهم في جعل الحياة أفضل. 3 بالمئة من الأطباء يقودون البقية من الأطباء، المهندسون كذلك، 3 بالمئة من الأساتذة لديهم القدرة على وضع المناهج الممتازة، 3 بالمئة من الرياضيين من لديهم الموهبة الاستثنائية، الصناعات يقف خلفها 3 بالمئة من العلماء والخبراء. في كل شيء لا تزيد النسبة عن الـ 3 بالمئة، حتى في الشجاعة والصدق. أما الـ 97 بالمئة المتبقين فهم المستفيدون من الـ 3 بالمئة. إليكم هذا المثال في عالم الرياضة. في أمريكا وفي ستينيات القرن الماضي، أحب الطالب في المدرسة الثانوية ديك فوسبري لعبة القفز العالي، كان نحيفًا، ولم يحقق أية نتائج تمكنه من الاستمرار باللعبة. حتى معلمي المدرسة اضطروا لمصارحته بالبحث عن لعبة أخرى. شيء ما كان بداخل فوسبري منعه من الاستماع لنصيحة معلميه، لقد أحب اللعبة كثيرًا رغم نتائجه الضعيفة، والمحب إذا ما أراد البقاء، فإنه يوجد طريقة للتكيّف. كانت طريقة القفز القديمة، هي القفز للأمام باتجاه البطن، فكر فوسبري بطريقة مختلفة، ماذا لو كان القفز للخلف باتجاه الظهر؟ بدأ بالتجارب، كان منظره مضحكًا، لا أحد يقفز للخلف باتجاه ظهره، لكن فوسبري كان يحقق نتائج مذهلة، القفز باتجاه الظهر يعطي دفعة قوية للجسد. توالت نجاحاته على محيط المدينة، ثم الولاية، ثم في كل الولايات، كان الشاب الوحيد الذي يقفز بطريقة غريبة، وما المانع إن كانت تحصد له الميداليات على مستوى الولايات المتحدة الأمريكية. في أولمبياد مكسيكو 1968 كانت لعبة القفز العالي على موعد لتتغير للأبد. أثناء إحماء اللاعبين كان الجمهور الحاضر من أنحاء العالم يضحك من طريقة قفز فوسبري، لأنهم لم يشاهدوها من قبل، لكنهم صفقوا طويلًا له عندما طار وقفز مسجلًا 2.24، ومحققًا رقمًا عالميًا، ليحصد الميدالية الذهبية. في تلك الأولمبياد تغيرت طريقة القفز للأبد، وأصبح كل الرياضيين يقلدون طريقة فوسبري، حتى أن الطريقة أصبحت باسمه «فوسبري فلوب». كل أبطال القفز العالي من بعده، مدينون له، لأنهم لولا طريقته لما كانوا أبطالًا. حكايته أصبحت ملهمة، بعض الطرق التقليدية التي تفشل بها، ربما تحقق فيها نجاحًا إذا غيرتها. فوسبري واحد من الـ 3 بالمئة. صدقوني نظريتي رائعة، لكنكم تفضلون قراءتها في كتاب مترجم للعربية!